(الجائحة )الكتاب الجديد لحمدي رزق



بلاء الخرافات ، وأساطير الفيروسات ، وحقائق الأخبار ، فى وصف طاعون العصر ..

مقاطع من الكتاب 

** 
بين الخرافة والأسطورة سقطت "كورونا" من حالق على أرض زلقة مبللة بالجهل، وغارقة فى الغيبيات، والبحث عن تفسيرات ماضوية، تستبيح الدين على قدسيته فى إشاعة حكايات موهومة ومتوهمة ترطب القلق النفسى الذى يعتور العامة المحجورين فى قعور البيوت من أثر الجائحة.
فى هذا السياق من التغييب الشعبوى الذى تنشره منصات إلكترونية سلفية وإخوانية تعمد إلى إرهاب العاديين وإشاعة الخوف والفزع عبر زرع كم من الخرافات فى الأدمغة المنفتحة على مواقع التواصل بشغف رهيب يحركه خوف غريزى يعطل العقل عن إدراك كنه الخرافة التى هو بصددها، بل يصدقها على علاتها ويستعيذ منها ويطلب من الأصدقاء التعوذ منها فيشيرها فى دائرته ومحيطه، وهكذا تلف الخرافة الكرة الأرضية عبر منصات التواصل الاجتماعى ويلتقطها الذباب الإلكترونى الذى يعف على الجيف المعلوماتية، وينقلها عالقة بأرجله إلى آفاق بعيدة، فتصير الخرافة اقرب إلى الحقيقة قابلة للتصديق دون إعمال العقل، العقل الجمعى يقبل الغيبيات عادة ويبتعد بمسافة تجنبه مشقة التفكير..
**
حالة من الذعر سيطرت على المصريين وغيرهم ممن تداولوا صورة النبوءات الغيبية عن فيروس ، والتى انطلق نشرها من جروبات تطبيق الواتساب،
وحلل رواد المواقع هذه الكلمات مع ربطها بالأحداث المتتالية التى يمر بها العالم منذ بداية العام ٢٠٢٠ ، خاصة مع تفشى فيروس كورونا كوباء عالمي، وانتشار الجراد فى بعض البلاد الأفريقية،وقرار وقف العمرة وإخلاء الحرم المكى للتعقيم.. وقيل تنبأ "سالوقية"، منذ قديم الزمان بنهاية العالم فى شهر مارس بوباء كورونا، ونهاية ترامب (ومات ملك الروم/ من مرضه الزؤوم) فى ظل أخبار الاشتباه فى إصابة الرئيس الأمريكى بكورونا واحتمالية حجره صحيًا..
ولكن يبدو أن هذه النبوءة ليست إلا خرافة ابتدعها الباحثين عن إثارة الذعر ونشر الشائعات، فخلال البحث عن رجل فى التاريخ يدعى إبراهيم بن سالوقية، اتضح أنه لا يوجد شخص يحمل هذا الاسم فى التاريخ وله كتب أو مؤلفات واضحة حتى الآن..
**
أمام غياب علاج شاف من فيروس كورونا يعود الكثيرون إلى صيدلية الجدات بما تحويه من تجارب وأعشاب وخلطات “قادرة على مواجهة أى مرض” حسب اعتقادات شائعة فى المجتمع الموريتاني.. لقد أعاد الفيروس الكثيرين للأدعية المأثورة فأخذ الناس يتداولونها عبر وسائل التواصل الاجتماعى وينشرونها “تقربا إلى الله” كما كتبوا فى “تويتر” و”واتساب”.. لا يشكل فيروس كوفيد 19 أى خطر لدى من يعتقدون فى المحتوى الموروث لصيدلية الجدة: ففى هذا المستودع الدوائى تجارب عجيبة: هنا مرق مصنوع من الدجاج مع قليل من الفلفل، تُقرأ عليه “آيات الشفاء فيملأ الخياشيم بمادة تقتل أخطر فيروس ولو كان كوفيد 19، بقرونه اللاصقة وتكاثره المريع”..
**

‫٠ تستحق وصف " السنة الكبيسة" حصريًا، لم تكمل شهرها الأول، إلا بوباء يحصد الأرواح موتًا، وإعصار يخطف القلوب خوفًا، وماخفى كان أعظم، والدعاء مستوجب، «اللهمَّ يا خفىَّ الألطاف نَجِّنا مما نخاف»، والقنوط مذموم، وجهل برحمة الله، واستعجال النتائج وقلّةالصبر، ونكوص وعدم تحمّل الشدائد لضعف النفس، «لا يَسْأَمُ الْإِنسَانُ مِن دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِن مَّسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ» (فصلت / ٤٩).‬
‫آخر سنة كبيسة شهدتها البشرية كانت فى العام ٢٠١٦، كانت كبيسة ولكنها اعتيادية كمثيلاتها، مرت سريعًا لم تترك بصماتها القاسية على الوجوه، ‬وترتبط السنة الكبيسة بعديد من الخرافات حول العالم، والخرافة لغة هى الحديث المستَمْلَحُ المكذوبُ، وتعد الخرافة الأسوأ هى أن السنةالكبيسة تشهد حالات وفيات متعددة، ويطلق عليها «طاعون الموت»، إذ يفقد الكثير من الأحباء ذويهم وأقاربهم خلالها، وهذا قريب من وصف٢٠٢٠ لربما فيروس كورونا هو «طاعون الموت» المشار إليه فى الخرافة التى تحدث بها أقوام فى أزمان بعيدة. 
** 
الناس فى مواجهة الوباء تتحرك بروح القطيع، لو قيل لهم إن ماء البحر المالح يحمى من الكورونا لشربوا من البحر، ولو قيل لهم الشفاء منماء بطن الزير لكسروا الزير، أجهزوا على كل أدوية المالاريا والروماتويد والحمى والإنفلونزا، كل دواء يشير به أحدهم مجرد الإشارة يتمالزحف عليه خشية الكورونا.
** 
‫١٢ أكتوبر ١٩٩٢ حجز سطرا فى ذاكرة المصريين، زلازل أكتوبر الشهير الذى هز مصر هزا ، و ٢٦ يناير ٢٠٢٠ حفر لذاكراه مكانا متقدما،يوم إعلان وزارة الصحة المصرية عن أول حالة فيروسية فى البلاد بمطار القاهرة الدولى تتعلق بمواطن صينى.‬
‫و أخطرت السلطات المصرية منظمة الصحة العالمية وتم وضع المريض فى الحجر الصحى فى المستشفى، واتُخذت فى وقت لاحق تدابيروقائية لرصد الأشخاص الذين اتصلوا بالشخص.. وتوالت وقائع
 الجائحة  .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طيف أزرق.. أنشطة مشروع تخرج كلية الآداب قسم الإعلام جامعة المنيا

200 متخصص يشاركون فى المؤتمر الأول للموارد البشرية بصعيد مصر فى بني سويف.

فعاليات مشروع تخرج كلية الآداب قسم الإعلام بجامعة المنيا